الاحتلال يلاحق مياه قرية بردلة ويضع قيوداً لاستخدام المياه 

الاحتلال يلاحق مياه قرية بردلة ويضع قيوداً لاستخدام المياه 

 

على التلال الشرقية من قرية بردلة في قلب الأغوار الشمالية، يقف الحاج علي احمد صوافطة يراقب محاصيله الزراعية الصيفية التي اعتاد على زراعتها في كل عام،  فهذا العام يختلف عن باقي الأعوام السابقة، فقد قلص المساحات المزروعة بالخضار إلى النصف تقريباً وبسبب انخفاض كمية المياه المستخدمة في الزراعة،  و ارتفاع تكلفة شرائها من الجانب الاسرائيلي.

حال الحاج صوافطة يلخص حال العشرات من المزارعين في منطقة الأغوار الشمالية على العموم، وفي قرية بردلة على الخصوص، والذي يهدد القطاع الزراعي تحديداً  المحاصيل المروية منها ويدفع قسم كبير من المزارعين نحو التوجه لزراعة المحاصيل الحقلية التي تحتاج الى كمية اقل من المياه، في ظل التناقص المستمر في حصص المياه التي تزود بها شركة "ميكروت الإسرائيلية"، وفي ظل ملاحقة الاحتلال لهم.

التوجه نحو زراعة المحمية والحقلية على حساب الزراعات المروية:

وتعتبر مشكلة نقص كميات المياه المستخدمة في الزراعة  وارتفاع تكلفة شرائها دافع كبير لدى المزارعين – كما يشير رئيس جمعية الأغوار الشمالية اشرف أيمن صوافطة – في تغير النمط الزراعي المعتاد  في المنطقة.

وأشار صوافطة، إلى أنه وخلال العام الحالي يوجد 2700 دونم في منطقة بردلة تزرع بالمحاصيل المروية مقارنة بـ 5000 دونم باتت تزرع بالمحاصيل البعلية، مقارنة بالفترة السابقة قبل نحو خمس سنوات تقريباً حيث كانت المساحة المزروعة بالزراعات المروية تجاوزت  4700 دونم في حين كانت المحاصيل الحقلية لا تتعدى 2900 دونم.

وحمل  صوافطة، الجهات الرسمية بعدم تبني إستراتيجية واضحة وجادة  بما يخص القطاع الزراعي في منطقة الأغوار الشمالية، حيث أشار لوجود معوقات حقيقية تقف كالعصى في دولاب التنمية الزراعية المستدامة في مناطق الأغوار.

وهذه المعوقات بحسب صوافطة تشمل الأضرار والخسائر الناتجة عن تقلبات الطقس وعدم تبنى إستراتيجية واضحة في تعويض المزارعين، كذلك مشكلة النقص المستمر للمياه  وتحكم الاحتلال بها، وغيرها من الأمور المتعلقة بمصادرة الأراضي وتحويل ما يزيد عن 2700 دونم في منطقة سهل قاعون الى مناطق مغلقة عسكرياً.

سرقة للمياه في وضح النهار:

وحول الأزمة المائية في المنطقة، قال ضرار صوافطة سكرتير المجلس القروي في قرية بردلة لمجلة آفاق: " قبل عام 1975م كان هناك بئر ارتوازي واحد في قرية بردلة ينتج الماء بمعدل 240 متر مكعب في الساعة الواحدة، وكان يغطي حاجة معظم الأراضي المروية من المياه، في عام 1975م أقدمت شركة ميكروت الاسرائيلية على حفر بئرين ارتوازيين بالقرب من بئر بردلة، وكانت النتيجة الحتمية هي جفاف البئر بشكل كلي، وبات القطاع الزراعي في  حينها الحلقة الأضعف  في تلك المعادلة".

بعد ذلك – كما يشير ضرار صوافطة – فرضت ما تسمى  الإدارة المدنية الاسرائيلية في تلك الفترة  سياسة بيع المياه للمزارعين في  المنطقة بمعدل  240 كوب من المياه في الساعة بسعر 1.5 أغورة للكوب الواحد، وكان يتم ضخ المياه عبر قناتين من شركة ميكروت الإسرائيلية وكان هناك عداد لاحتساب كمية المياه المصروفة.

نقض للقرارات:

وبعد عام واحد على هذا الاتفاق، اخذ الاحتلال على عاتقه التنصل من قراراته من حيث كمية المياه التي تضخ، حيث خفضت حصة المياه من 2300 متر مكعب / السنة الى  1500 متر مكعب، بحجة ان هناك أراض متروكة تحت ما يسمى أملاك الغائبين ولأسباب عسكرية اخرى، مما انعكس بشكل سلبي على المزارعين هناك.

وقال ضرار صوافطة إنه في عام 2006م أقدمت شركة ميكروت على تحديد السقف الأعلى المسموح بضخة للمزارعين ولأهالي قرية بردلة بنحو 1100 متر مكعب سنوي، مع رفع تعرفة شراء الكوب الواحد الى 4.4 أغوره بزيادة ثلاثة أضعاف مما كانت عليه، وأوضح صوافطة : "أن الاحتلال لم يراع الزيادة الطبيعية  التي حدثت في عدد السكان، وطبيعة التنوع الزراعي في المنطقة".

حالة تخبط:

وبحسب المزارع غسان فقها فإن تغير النمط الزراعي وازدياد المحاصيل الحقلية على حساب المساحات المزروعة بالزراعات المروية، كان له اثر مباشر على التنمية الزراعية، وعلى أسعار الخضار والمحاصيل الزراعية، بل وعلى ما يمكن تلبيته من حاجة السوق سواء بوجود فائض أو نقض بنوعية الأصناف المطلوبة، وهذا شكل حالة إرباك في السوق، في ظل حرب اخرى من قبل المزارعين الإسرائيليين الذين يحاولون السيطرة على السوق الفلسطيني.

القضاء على أي بارقة أمل:

ولحل هذه المشكلة تم الاتفاق عبر لجنة فلسطينية – إسرائيلية – أمريكية مشتركه في العام 2007 على حفر بئر مائي جديد إسرائيلي في قرية بردلة،  حيث بلغت الطاقة الإنتاجية لذلك البئر بعد تشغيله في عام 2009م  حوالي  900كوب / الساعة في المقابل السماح للفلسطينيين بإقامة بئر ارتوازي اخر جنوب الخليل.

يقول عارف دراغمة رئيس تجمع البدوي في منطقة المالح والأغوار الشمالية:" الاحتلال لا يدخر أي فرصة نحو حصر الموارد المائية في الأغوار الشمالية، عبر ملاحقة المزارعين وتجفيف الينابيع المائية بالكامل مثل نبعة عين الحلوة ونبعة المالح،  وكان آخر ما تم استهدافه هو في 22من شهر نيسان 2017م عبر إخطارات عسكرية بملاحقة الآبار العشوائية التي تعتبر سند للمزارعين في الحصول على المياه بحجة أن تلك الآبار غير قانونية، وسابقاً تم أيضاً  إخطار مشروع تأهيل نبعة عين الحمة بوقف البناء، مما سوف يلقي ذلك بظلاله على القطاع الزراعي والتنمية المستدامة هناك حيث تغطي التبعة حاجة  40 دونماً من الأراضي المروية  في منطقة بردلة من المياه".

وكشف دراغمه عن قيام جيش الاحتلال باستهداف الخطوط المائية الناقلة والتي جرى تنفيذها من خلال منظمة العمل ضد الجوع بتمويل من منظمة اليونيسيف بهدف تنظيم استخدام المياه في الأغوار ونقل المياه من البرك المائية المنتشرة هناك باتجاه الأراضي الزراعية والتجمعات البدوية  في منطقة بردلة، سهل البقيعة ومنطقة ابزيق مما يخفض نوع ما تكلفة نقل المياه، لكن هذا المشروع جوبه بالرفض القاطع من الاحتلال، واخذ على عاتقه إخطار تلك الأنابيب بالهدم والمصادرة.

ويبقى القطاع المائي في صلب أجندة الاحتلال الاسرائيلي الذي يحاول السيطرة على كامل الثروات الطبيعية والموارد المائية، في حين ان القطاع الزراعي في الأغوار يواجه تحديات كبيرة تؤثر عليه، ليشكل جرس إنذار بأن الزراعة في احتضار إذا استمر الوضع على ما هو عليه.

الصور 1-4:  الزراعات في بردلة

 

 

 

اعداد:

 مركز أبحاث الاراضي – القدس

 

 

Categories: Israeli Violations